بسم الله الرحمن الرحيم
بحث مصغر- الفرق بين الإجارة والجعالة في الفقه الإسلامي
أولاً تعريف الجعالة بشكل عام:
تسمى الجعل والجعيلة أيضاً , وهي ما يُعطاه الإنسان على أمر يفعله , كأن يقول : من فعل كذا ؛ فله كذا من المال ؛ بأن يجعل شيئاً معلوماً من المال لمن يعمل له عملاً معلوماً ؛ كبناء حائط .، ودليل جواز ذلك قوله تعالى : ( ولمن جاءَ بِهِ حِمل بعيرٍ وأنا به زعيم ) يوسف/72 ؛ أي لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير , وهذا جعل , فدلت الآية على جواز الجعالة ،ودليلها من السنة حديث اللديغ , وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد أنهم نزلوا على حي من أحياء العرب , فاستضافوهم , فأبوا , فلدغ سيد ذلك الحي , فسعوا له بكل شيء , فأتوهم , فقالوا : هل عند أحد منكم من شيء ؟ قال بعضهم : إني والله لأرقي , ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ؛ فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً . فصالحوهم على قطيع من غنم، فانطلق ينفث عليه ويقرأ: (الحمد لله رب العالمين)؛ فكأنما نشط من عقال، فأوفوهم جعلهم، وقدموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: (أصبتم، اقتسموا واجعلوا لي معكم سهماً) رواه البخاري (كتاب الإجارة/2276).
والجعالة عقد جائز لكل الطرفين فسخها، فإن كان الفسخ من العامل؛ لم يستحق شيئاً من الجعل؛ لأنه أسقط حق نفسه، وإن كان الفسخ من الجاعل، وكان قبل الشروع في العمل؛ فللعامل أجر مثل عمله؛ لأنه عمله بعوض لم يسلم له.
ثانياً: تعريف الإجارة بشكل عام:
الشائع استعمال عقد الإجارة على الأشخاص، وهناك مصطلح آخر يستعمله الفقهاء، وهو عقد إجارة الأشخاص، أو عقد الإجارة على العمل، أو على منافع الأشخاص.
والمصطلحات الثلاثة وإن كانت صحيحة، ولكن الأدق منها هو الأخير، وهو عقد الإجارة على العمل أو منفعة الشخص وأن التحقيق أن العمل هنا هو منفعة الشخص، إذ أن عقد الإجارة لا يرد على الشخص بذاته، وإنما يرد على عمله، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء الحنفية والمالية وأكثر الشافعية، والحنابلة، في حين ذهب بعض الشافعية إلى أن محل عقد الإجارة هو العين نفسها، لأن المنافع معدومة، وذهب ابن تيمية، وابن القيم إلى أنها ترد على الأعيان المتجددة كلبن المرضعة.
الكراء والإجارة:
ومن حانب آخر فإن الإجارة على عمل الأشخاص هو أحد نوعي الإجارة عند جمهور الفقهاء، في حين خصص المالكية لفظ الإجارة للإجارة على عمل الأشخاص، وعبروا عن الإجارة الواردة على الأعيان بالكراء، فقالوا: الإجارة تطلق على منافع من يعقل، وأن الكراء يطلق على العقد الوارد على من لا يعقل.
ثالثاً: الفرق بين عقدي الإجارة والجعالة:
والجعالة تخالف الإجارة في مسائل:
1. أن الجعالة لا يشترط لصحتها العلم بالعمل المجاعل عليه؛ بخلاف الإجارة؛ فإنها يشترط فيها أن يكون العمل المؤجر عليه معلوماً.
2. أن الجعالة لا يشترط لصحتها العلم بمدة العمل المجاعل عليه بخلاف الإجارة؛ فإنها يشترط فيها أن تكون مدة العمل معلومة.
3. أن الجعالة يجوز فيها الجمع بين العمل والمدة، كأن يقول: من خاط هذا الثوب في يوم، فله كذا، فإن خاطه في اليوم، استحق الجعل، وإلا فلا؛ بخلاف الإجارة؛ فإنه لا يصح فيها بين الجمع العمل والمدة.
4. أن العامل في الجعالة لم يلتزم في العمل، بخلاف الإجارة؛ فإن العامل فيها قد التزم بالعمل.
5. أن الجعالة عقد جائز لكل من الطرفين فسخها بدون إذن الآخر، بخلاف الإجارة، فإنه عقد لازم، لا يجوز لأحد الطرفين فسخها؛ إلا برضى الآخر.
• وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن من عمل لغيره عملاً بغير جعل ولا إذن من صاحب العمل؛ لم يستحق شيئاً؛ لأنه بذل منفعة من غير عوض، فلم يستحقه، ولأنه لا يلزم الإنسان شيء لم يلتزمه؛ إلا أنه يستثنى من ذلك شيئان:
الأول: إذا كان العامل قد أعد نفسه للعمل بالأجرة كالدلال والحمال ونحوهما؛ فإنه إذا عمل عملاً بإذن يستحق الأجرة؛ لدلالة العرف على ذلك، ومن لم يعد نفسه للعمل، لم يستحق شيئاً، ولو أذن له؛ إلا بشرط.
الثاني: من قام بتخليص متاع غيره من هلكة؛ كإخراجه من البحر أو الحرق أو وجده في مهلكة يذهب لو تركه؛ فله أجرة المثل، وإن لم يأذن له ربه، لأنه يخشى هلاكه وتلفه على صاحبه، ولأن في دفع الأجرة ترغيباً في مثل هذا العمل، وهو إنقاذ الأموال من الهلكة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " من استنقذ مال غيره استحق أجرة المثل، ولو بغير شرط، في أصح القولين، وهو منصوص أحمد وغيره ".
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: " فمن عمل في مال غيره عملاً بغير إذنه ليتوصل بذلك العمل إلى غيره، أو فعله حفظاً لمال المالك وإحرازاً له من الضياع؛ فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله، وقد نص عليه الأمام أحمد في عدة مواضع".
والله الموفق، ،،
المستشار القانوني/ أيمن كامل
#الموقع_الإلكتروني
https://aymankamil-legal-services.business.site
#صناع_العدالة
https://fb.me/aymankamiljusticemakers
تعليقات
إرسال تعليق