الإكراه وأثره في الإقرار القضائي


الاكراه وأثره على الإقرار القضائي

تعريف الإكراه اصطلاحًا:
هناك اتجاهان للعلماء في تعريف الإكراه اصطلاحًا، الأول يميل إلى المعنى اللغوي، والثاني يميل إلى المعنى العرفي والشرعي، وإليك بيان كل منهما:
الاتجاه الأول: يعرف أصحاب هذا الاتجاه الإكراه بالمعنى اللغوي، وقد ذهب إلى ذلك بعض العلماء، كالكمال بن الهمام، وابن حجر، والخطاب، وابن حزم، فعرفه ابن الهمام بأنه: «حمل الغير على ما لا يرضاه»، وعرفه ابن حجر بأنه: «إلزام الغير بما لا يريده»، وعرفه الخطاب بأنه: «ما يفعل بالمرء مما يضره ويؤلمه))، وعرفه ابن حزم بأنه: «كل ما سمي في اللغة إكراه، وعرف بالحس أنه إكراه»
فكل هذه التعاريف تدور حول المعنى اللغوي فقط.
الاتجاه الثاني: يعرف أصحاب هذا الاتجاه الإكراه بالمعنى العرفي والشرعي، وقد ذهب إلى ذلك أكثر العلماء: فعرفه إبراهيم النخعي بأنه: «حمل الإنسان على قول أو فعل قهرًا بغير حق، فإن كان حمله بحق فهو إجبار).وعرفه السرخسي بأنه: «اسم لفعل يفعله المرء بغيره، فينتفي به رضاه، أو يفسد به اختياره من غير أن تنعدم به الأهلية في حق المكره, أو يسقط عنه الخطاب)، وعرفه ابن عابدين بأنه: «فعل يوجد من المكره فيحدث في المحل معنى, فيصير مدفوعًا إلى الفعل الذي طلب منه)، وعرفه عبد العزيز البخاري بأنه: «حمل الغير على أمر يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه, ويصير الغير خائفًا به فائت الرضا بالمباشرة).
ومنعاً للإطالة نفرد حيزاً لنتعرف على أحكام وشروط من وقع عليه الإكراه، دون الخوض في شروط المكره.
شروط المكره -بالفتح-
يشترط في المكره توفر الشروط الآتية حتى يتحقق الإكراه:
أولًا: أن يغلب على ظنه وقوع ما هدد به إذا امتنع عن الإتيان بالمكره عليه، وذلك لأن معيار الإكراه وثبوته شرعًا هو حدوث الخوف في نفس المكره من وقوع المهدد به، وغلبة الظن بوقوعه، وإنما يغلب على ظنه ذلك بما يحف الواقعة من قرائن تجعله متأكدًا من أن المكره لا بد فاعل ما توعده به إذا امتنع عن طاعته، والعمل بالظن الراجح تشهد له الشريعة، وغالب الرأي حجة عند تعذر اليقين.
ثانيًا: أن يكون عاجزًا عن دفع المكره عن نفسه بالهرب أو الاستغاثة أو المقاومة، فلو كان قادرًا على النجاة من المكره لما استطاع أن يدفعه إلى فعل ما يأمر به تحت تأثير وسائل الإكراه، فلا يتحقق الإكراه حينئذ.
ونتيجة لهذين الشرطين يتحقق انعدام رضا المكره وفساد اختياره نتيجة لاضطراره وخوفه من وقوع ما أكره به من أنواع الإيذاء الذي قد يصل إلى حد فقد النفس أو المال.
ثالثًا: ألا يخالف المكرَه المكرِه، بأن يأتي بفعل غير الذي أكره عليه، أو يزيد على الفعل المطلوب، أو ينقص منه، فإذا أتى المكره بشيء من ذلك كان طائعًا مختارًا فيما أتى به، فلا يتحقق الإكراه، إذ لا إكراه إلا حيث يأتي المكره بما قهر عليه امتثالًا لأمر المكره، وخوفا مما هدد به.
أثر الإكراه على الإقرارات: فإذا أكره شخص على أن يقر بشيء، فحكم ذلك كالتالي:
أ- مذهب الجمهور:
يلغى الإقرار ولا يترتب عليه أي أثر؛ لأنه حصل بقهر ودون إرادة واختيار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفِع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه)).
ب- مذهب المالكية:
إقرار المستكرَه بغير حق غير لازم؛ أي: إن المستكره مخيَّر بعد زوال الإكراه بين أن يُجيز ما أقرَّ به أو لا يجيزه.
( وفي حالتنا محل الدراسة لم يجيز المكره ما حمل على الإقرار به).
 
ج- أما الإقرار بالمعاصي، كالزنا، وشرب الخمر، والقتل، ونحوها، فهم كالجمهور في إلغاء إقرار المكره فيها؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
                                                                            المستشار القانوني/ أيمن كامل
https://aymankamil-legal-services.business.site
#صناع_العدالة
https://fb.me/aymankamiljusticemakers 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحكام الشريك القاصر والموظف العام في نظام الشركات السعودي

من روائع المرافعات المصرية